رسالة عيد القيامة المجيد مايو2005
“لأعرفه وقوة قيامته”(فيلبى3 :10 )
أحبائى ابناء الكنيسة المباركين
خرستـــــوس آنستـــــى اليســــــوس آنستـــــــى
المسيـــــــــــح قـــــــــــامبالحقيــقـــــة قــــــــــام
نفرح اليوم بالإحتفال بقيامة ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح من بين الأموات. نفرح بمسيحنا الحى ونفرح بقوة قيامته.
فالقيامة ليست مجرد حدث تاريخى بل هى فعل حى متجدد نختبره ونحيا بقوته.
فالقديس بولس الرسول يقول “لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه متشبهاً بموته لعلى أبلغ إلى قيامة الأموات”.(فيلبى 3 :10 -11).فالمسيح قام من الأموات وآقامنا معه ” وأقامنا معه وأجلسنا معه فى السماويات فى المسيح يسوع”.
(أفسس 2: 6). ونحن اولاً نختبر فعل الموت والقيامة مع المسيح فى المعمودية ” فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن ايضاً فى جدة الحياة لأنه إن كنا قد صرنا متحدين معه بشبه موته نصير أيضاً بقيامته”.
(رو6 :4-5).
وأختبار الموت والقيامة مع المسيح هو أختبار متجدد ومستمر فى حياتنا اليومية. ففى جهادنا الروحى اليومى علينا أن ” نموت عن الخطايا فنحيا للبر “(1 بط 2: 24) فلإجل المسيح نموت كل يوم ” أننا من اجلك نمات كل النهار” (رو8 : 36 ) والذى يختبر الموت مع المسيح ولإجل المسيح يختبر ايضاً القيامة مع المسيح ويختبر قوة القيامة فى حياته الروحية فيفرح بقيامة المسيح ولا يستطيع أحد أن ينزع فرحه منه.
+ نفرح بقوة قيامة المسيح فى مواجهتنا للموت. فالمسيح بموته داس الموت والذين فى القبور أنعم عليهم بالحياة الأبدية. قيامة المسيح هى المصدر الأساسى لتعزيتنا فى أنتقال أحبائنا. فالقديس بولس فى تعزيته لأهل تسالونيكى من جهة الراقدين قال لهم: ” لا أريد أن تجهلوا أيها الأخوة من جهة الراقدين لكى لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم لأنه أن كنا نؤمن أن يسوع مات وقام فكذلك الراقدون بيسوع سيحضرهم الله ايضاًَ معه”.
(1 تسالونيكى 4: 13 -14 ) وختم حديثه قائلاً : ” لذلك عزوا بعضكم بعضاً بهذا الكلام” (1 تسالونيكى 4: 18).
والقديس اثناسيوس الرسولى فى حديثه عن أنتصار المسيح بقيامته على الموت يقول: ” فقديماً قبل المجىء الإلهى للمخلص كان الموت مرعباً حتى بالنسبة للقديسين وكان الجميع ينوحون على الأموات كأنهم هلكوا. أما بعد أن اقام المخلص جسده لم يعد الموت مخيفاً لأن جميع الذين يؤمنون بالمسيح يدوسونه كأنه لا شىء. بالحرى يفضلون أن يموتوا على أن ينكروا إيمانهم بالمسيح لأنهم يعرفون بكل يقين أنهم حينما يموتون فأنهم لا يفنون بل بالحرى يحيون عن طريق القيامة ويصيرون عديمى فساد”.
+ نفرح بقيامة المسيح فى مواجهتنا للخطية وأنتصارنا عليها بقوة قيامة المسيح التى تقودنا إلى التوبة. فالمسيح بقيامته حررنا من سلطان الخطية وفى موتنا معه فى المعمودية نموت عن الخطية وفى جهادنا الروحى اليومى نختبر الموت عن الخطية . فالقديس بولس يتساءل ” نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها”
(رو 6: 2).ويدعونا أن نقدم ذواتنا لله كأحياء من الأموات ” ولا تقدموا أعضاءكم آلات إثم للخطية بل قدموا ذواتكم لله كأحياء من الأموات وأعضاءكم آلات بر لله”.(رو6 : 13).
والقديس أثناسيوس يرى قوة قيامة المسيح الحى فى عمله فى قيادة النفوس للتوبة وللإيمان به فيقول:
” هل يمكن لشخص ميت أن ينخس ضمائر الأخرين حتى يجعلهم يرفضون نواميس أبائهم الموروثة ويخضعون لتعاليم المسيح ؟ أو أن كان المسيح لم يعد يعمل ما يتفق مع خاصية من هو ميت، فكيف إستطاع أن يوقف أعمال الأحياء حتى يكف الزانى عن الزنا والقاتل عن القتل والظالم عن الظلم ويصير الخاطىء تقياً؟”
لا شك أن عمل نعمة المسيح فى الخطاة ليصيروا قديسين هو دليل على قوة قيامته وإنه حى والخاطىء يختبر قوة قيامة المسيح فى توبته. فالتوبة القوية الصادقة تنير حياة الإنسان وتقيمه من موت الخطية فحقاً كما قال الأب لأبنه الأكبر عن أخيه التائب “لأن أخاك هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فُوجد”.
(لو1532) وكما قال احد الآباء عن التوبة “أنها تجعل الزناة بتوليين”.
القديس أثناسيوس يرى فى حياة العفة المقدسة دليلاً على قوة القيامة فيقول لمن يريد أن يرى دليلاً على قوة قيامة المسيح ” دعه يذهب ليرى برهان الفضيلة فى عذارى المسيح والشبان الذين يعيشون حياة العفة المقدسة”.
+ نفرح بقوة قيامة المسيح فى عمل الكرازة فالقيامة أعطت التلاميذ القوة أن يذهبوا ويكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها. وسفر الأعمال يقول عن الرسل ” وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع ونعمة عظيمة كانت على جميعهم”.(أع 4 : 33 ). عمل الكرازة فى تغيير القلوب والعقول للإيمان بالمسيح لا يعتمد على قوة الكارز ومواهبه بل يعتمد بالأكثر على قوة المسيح القائم من الأموات فى أجتذاب غير المؤمنين للإيمان به.
والقديس أثناسيوس يقدم عمل المسيح فى جذب النفوس للإيمان به كدليل على قيامته وأنه حى بل هو نفسه الحياة : ” لإنه إن كان المخلص يعمل الأن بقوة بين البشر ولا يزال كل يوم – بكيفية غير منظورة – يقنع الجموع الغفيرة من كل المسكونة من غير المؤمنين ليقبلوا الإيمان ويطيعوا تعاليمه، فهل لا يزال يوجد من يتطرق الشك إلى ذهنه أن المخلص قد أتم القيامة بقيامته وأن المسيح حى أو بالاحرى إنه هو نفسه الحياة ؟
+ نصلى لإلهنا القائم من الأموات ولمسيحنا الحى أن يهبنا أن نعرفه المعرفة الأختبارية ونفرح بقوة قيامته فى الأنتصار على الموت وفى منحنا حياة القداسة والبر وأن يجعلنا شهوداً ومخلصين نشهد لقوة قيامته امام المجتمع الذى نحيا فيه.
نصلى أن يحفظ إلهنا الحى كنيسته فى سلام وقوة ويحفظ لنا حياة ابينا وراعينا الحبيب قداسة البابا شنوده الثالث.
وكـــــل عـــام وانتــــم بخيــــــر
الأنبــــا سرابيـــــــون
مايو 2005